رنا عادل وسلمى محمد مراد
نشر في:
الإثنين 22 ديسمبر 2025 – 1:20 م
| آخر تحديث:
الإثنين 22 ديسمبر 2025 – 1:20 م
لم تعد الألعاب الإلكترونية مجرد مساحة للترفيه، بل تحولت إلى عوالم رقمية مكتملة تتقاطع فيها التكنولوجيا بالقانون، والتفاعل الاجتماعي بالمخاطر المحتملة خاصة على الأطفال والمراهقين.
ومع اتساع نطاق الدردشة والتواصل داخل الألعاب، يبرز سؤال جوهري: إلى أي مدى تمتد مسئولية مطور اللعبة عن حماية مستخدميه؟ في هذا السياق، يوضح المبرمج بيير عماد، المتخصص في تطوير الألعاب، من خلال تصريحاته لـ”الشروق”، خريطة الأمان الرقمية، والفوارق القانونية، وآليات المحاسبة التي تحكم هذا القطاع شديد الحساسية.
اختلاف معايير الأمان حسب الفئة العمرية
قال بيير عماد، إن معايير الأمان داخل الألعاب الإلكترونية تختلف جذريا وفقا للفئة العمرية المستهدفة، موضحا أن هذا التباين تحكمه أطر قانونية دولية صارمة، وأضاف أن من أبرز هذه الأطر قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت “COPPA” في الولايات المتحدة، واللائحة العامة لحماية البيانات “GDPR” في الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن هذه القوانين تلزم مطوري الألعاب الموجهة للأطفال دون سن 13 عاما بتطبيق مستويات حماية مرتفعة، تشمل تقييد أو إغلاق الدردشة النصية والصوتية والحد من جمع البيانات الشخصية، وفرض إعدادات خصوصية مشددة بشكل افتراضي لا يمكن تجاوزها بسهولة.
الألعاب الاجتماعية.. فجوات مفتوحة للمخاطر
وأوضح عماد أنه في المقابل، تخضع الألعاب العامة أو الاجتماعية لقواعد أقل تشددا، وهو ما يخلق فجوات أمنية قابلة للاستغلال، خاصة في البيئات التي تعتمد على التفاعل المفتوح والدردشة الصوتية بين الغرباء.
وأضاف أن هذه الفجوات لا تعني غياب القوانين، لكنها تعكس اختلاف طبيعة الرقابة، حيث تترك مساحة أوسع لمسئولية المستخدم ما يزيد من احتمالات إساءة الاستخدام في حال ضعف أدوات الحماية.
بين القانون والتطبيق العملي
ورغم وضوح الإطار القانوني، أكد عماد أن التطبيق العملي لا يكون دائما بنفس الصرامة. وأوضح أن بعض الألعاب الاجتماعية تحظى برعاية أو تمويل من شركات كبرى، ما يؤدي أحيانا إلى قدر من التساهل في الالتزام الكامل بمعايير الأمان، والاكتفاء بالحد الأدنى من الضوابط التقنية المطلوبة قانونا.
وأشار إلى أن هذا التساهل قد لا يكون معلنا، لكنه يظهر في بطء الاستجابة للبلاغات أو محدودية أدوات الرقابة داخل بعض المنصات.
مسئولية المطور تبدأ من النشر
وأكد عماد أن مسئولية مطور اللعبة تبدأ منذ لحظة النشر، حيث تلزم متاجر التطبيقات، مثل “جوجل بلاي” و”آب ستور”، المطورين بملء استبيانات أمان تفصيلية. وأضاف أنه في حال إقرار المطور بوجود تواصل بين المستخدمين، يصبح ملزما بوضع سياسة خصوصية واضحة، وتوفير نظام فعال للإبلاغ عن السلوكيات المخالفة.
وشدد على أن أي تضليل متعمد في هذه البيانات قد يؤدي إلى حذف اللعبة فورا، وإغلاق حساب المطور فضلا عن مساءلات قانونية قد تصل في بعض الدول إلى عقوبات جنائية.
كيف تدار البلاغات داخل الألعاب؟
وحول آليات التعامل مع البلاغات، أوضح بيير عماد أن معظم الألعاب تعتمد على أنظمة أوتوماتيكية سريعة، نظرا لاستحالة المراجعة البشرية المباشرة لملايين البلاغات اليومية. وأضاف أنه بمجرد تقديم البلاغ، يقوم السيرفر بسحب بيانات المحادثة المرتبطة بالواقعة وربطها بالبلاغ كدليل رقمي.
وتابع أن المحتوى يخضع بعد ذلك لتحليل عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تمنحه درجة خطورة، وفي حال رصد مؤشرات استدراج أو تهديد واضح، يصنف البلاغ ضمن الحالات ذات الأولوية القصوى.
تدرج العقوبات.. من التحذير إلى حظر الجهاز
ولفت عماد إلى أن العقوبات تتدرج وفق خطورة السلوك، بدءا من التحذير أو الحظر المؤقت، مرورا بالحظر النهائي للحساب، وصولا إلى حظر الجهاز نفسه في الحالات القصوى، لمنع الجناة من إنشاء حسابات وهمية جديدة.
وأضاف أن الشركات الكبرى تمتلك فرق إشراف بشرية تراجع الحالات الخطيرة بعد فلترتها آليا، بينما تعتمد الشركات الصغيرة بشكل شبه كامل على أنظمة الذكاء الاصطناعي، هربا من التكلفة المرتفعة للمراجعة البشرية.
مسئولية أخلاقية لا تقل عن القانونية
وشدد عماد على أن مسئولية مطور اللعبة ليست قانونية فقط، بل أخلاقية أيضا، مشيرا إلى أن أي قضية استدراج يتم التحقيق فيها قد تكون كفيلة بتدمير سمعة الشركة وإغلاقها في وقت قياسي، مهما بلغ حجمها أو انتشارها.
ألعاب مفتوحة قد تستغل في الاستدراج
وفي هذا الإطار، قدم بيير عماد قائمة بأكثر الألعاب المفتوحة انتشارا، والتي يمكن أن يستغلها المجرمون في عمليات الاستدراج والاستغلال، من بينها:
-روبلوكس “Roblox”: وهي منصة تضم ملايين الألعاب، وتشكل مساحة تجمع للأطفال والمراهقين للدردشة وتكوين الصداقات.
-لودو كلوب “Ludo Club”: تبدو كلعبة بسيطة، لكنها تحولت إلى مساحة دردشة صوتية وتعارف عشوائي.
-ببجي “PUBG”: رغم كونها لعبة قتالية، فإن غرف الدردشة الصوتية أصبحت مساحة للتواصل بين غرباء.
-بي كي إكس دي “PK XD”: عالم افتراضي ملون موجه للأطفال، ما يجعله هدفا سهلا للمستدرجين.
-زيبيتو “Zepeto”: عوالم افتراضية قائمة على الأفاتار، وتنتشر بين المراهقين لأغراض التعارف والارتباط.