رنا عادل وسلمى محمد مراد
نشر في:
الإثنين 22 ديسمبر 2025 – 1:22 م
| آخر تحديث:
الإثنين 22 ديسمبر 2025 – 1:22 م
أصبحت تتشكل عوالم خفية للأطفال والمراهقين في ظل الانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية وغرف الدردشة المصاحبة لها بعيدًا عن أعين الأسرة وبالتالي تحولت تلك الألعاب من وسيلة ترفيهية إلى ساحة تربوية خطرة.
وفي هذا الشأن، يوضح الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، في تصريحات خاصة لـ “الشروق، أبعاد الأزمة النفسية والتربوية المرتبطة بالألعاب الإلكترونية، ويكشف أين يكمن الخطر الحقيقي، وكيف يمكن للأسرة أن تتحول من طرف غائب إلى عنصر حماية ووعي.
الخطر ليس في اللعبة وحدها بل في غياب التربية الرقمية
يؤكد الدكتور تامر شوقي أن العصر الحالي هو عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت الأجهزة الرقمية في متناول جميع الفئات العمرية، من الأطفال إلى كبار السن، ويشير إلى أن المشكلة لا تكمن في الألعاب الإلكترونية بحد ذاتها، وإنما في الإفراط في استخدامها، والذي قد يصل إلى مرحلة الإدمان الرقمي لدى الأطفال والمراهقين.
ويرى أن هذا الإدمان غالبًا ما يكون نتيجة مباشرة لغياب التربية الرقمية داخل الأسرة، تلك التربية التي تعلم الطفل ما الذي يشاهده، وكيف يستخدم الإنترنت، والوقت المناسب لذلك، بدل تركه يتنقل عشوائيًا بين المحتويات.
لماذا يستهين الآباء بخطر غرف الدردشة؟
وحول فشل كثير من الآباء في إدراك خطورة غرف الدردشة داخل الألعاب رغم وجود الطفل أمام أعينهم، يوضح أستاذ علم النفس التربوي أن الأسباب متعددة، أبرزها انشغال الوالدين بضغوط العمل وتدبير متطلبات الحياة اليومية، إلى جانب الثقة الزائدة في الأبناء وافتراض أنهم يستخدمون الإنترنت بشكل آمن.
ويضيف أن جهل كثير من الآباء بطبيعة غرف الدردشة ومخاطرها الحقيقية، فضلًا عن رغبتهم أحيانًا في تقليل مشكلات الطفل داخل الأسرة عبر تركه لساعات طويلة أمام الشاشة، كلها عوامل تسهم في تفاقم المشكلة.
بين الطاعة العمياء والوعي الرقمي
ويشدد الدكتور شوقي على أن تربية الأطفال على الأوامر والطاعة العمياء تعتبر من الأساليب التربوية الخاطئة، مؤكدًا أن التربية السليمة يجب أن تقوم على الحوار الهادئ والإقناع، موضحا ضرورة توعية الأطفال بمخاطر الأجهزة الرقمية وتأثيراتها السلبية المحتملة على الجوانب الجسدية والعقلية والاجتماعية والتحصيلية، مضيفا أن اقتناع الطفل بهذه المخاطر هو ما يدفعه للالتزام بالسلوكيات السليمة، سواء في وجود الأسرة أو غيابها.
لماذا يلتزم الطفل الصمت؟
وحول أسباب إخفاء الأطفال لما يتعرضون له داخل الألعاب، يشير الخبير التربوي إلى أن الخوف من العقاب أو الحرمان من اللعب يأتي في مقدمة الأسباب، خاصة إذا كان الوالدان يستخدمان أساليب عنيفة في التربية، كما قد يتعرض الطفل لضغوط أو تهديدات من لاعبين آخرين داخل غرف الدردشة، أو لا يكون لديه الوعي الكافي لتمييز بعض المحتويات الخطيرة، خصوصًا تلك المرتبطة بمشاهد العنف أو الإيحاءات الجنسية.
متى تتحول الرقابة إلى تجسس؟
ويحذر شوقي من أن الرقابة المفرطة قد تنقلب إلى تجسس، وهو ما يدفع الطفل للكذب وفقدان الثقة، ويعدد مظاهر ذلك في التشكيك الدائم في كلام الطفل، وتفحص هاتفه باستمرار أو بشكل مفاجئ، وإبلاغه بوجود برامج مراقبة على جهازه، أو معاقبته على أي اعتراف يقدمه، حتى لو كان أمرًا عاديًا، مؤكدًا أن هذه الأساليب تهدم جسور الثقة داخل الأسرة.
الدردشة في الألعاب مقترنة بسن الوعي
وحول السن المناسب للسماح بالدردشة داخل الألعاب، يوضح الدكتور شوقي أن خطورة غرف الدردشة تكمن في سهولة استدراج المستخدمين إلى مشكلات أخلاقية وقانونية، إضافة إلى التعرض لمحاولات الاحتيال، في ظل غياب الرقابة وعدم معرفة الهوية الحقيقية للمشاركين.
ويؤكد أن هذه المخاطر تتضاعف مع صغر سن المستخدم، مشددًا على أن الأفضل عدم الولوج إلى تلك الغرف قبل سن 21 عامًا، وهو ما يصفه بسن الوعي.
أما عن وضع قواعد استخدام دون خلق صراع يومي، فيرى أن الحل يكمن في تجنب فرض الأوامر، والاعتماد على الحوار، وإشراك الطفل نفسه في وضع القواعد بتوجيه غير مباشر من الوالدين.
هل تصبح الألعاب أداة تربوية؟
ويختتم الخبير التربوي حديثه مؤكدًا أن الألعاب الإلكترونية يمكن بالفعل تحويلها إلى أداة تربوية إيجابية، شريطة وجود إشراف تربوي واعٍ، وانتقاء الألعاب المناسبة مع توضيح الجوانب الإيجابية التي يمكن أن تعود بالنفع على الطفل، بدل تركه فريسة لعوالم رقمية غير آمنة.