حين تذكر أسماء الأدباء الحائزين على جائزة نوبل، عادةً ما تبرز أعمالهم الأدبية كعنوان رئيسي لسيرتهم، لكن صمويل بيكيت – الأديب الإيرلندي الذي أحدث ثورة في الأدب والمسرح – يحمل في خلفية حياته وجهًا آخر قلما يروى : مقاوم في وجه النازية، وشاهد على عنف القرن العشرين.
الأديب المناضل
في العام 1940، وبعد احتلال فرنسا من قبل القوات النازية، لم يتردد بيكيت، الذي كان يعيش في باريس، في الانضمام إلى صفوف المقاومة الفرنسية السرية.
انضم تحديدًا إلى شبكة تدعى “Gloria SMH”، وكانت مهمتها الأساسية جمع المعلومات والتجسس على تحركات القوات الألمانية، بالتعاون مع الحلفاء.
كان بيكيت، الذي لا يتحدث كثيرًا في العلن، يؤدي مهماته في صمت، ناقلًا الرسائل، ومدوّنًا التقارير، ومخفيًا العملاء الهاربين.
وعندما كشفت شبكته من قبل الجستابو، فر إلى الجنوب الفرنسي برفقة حبيبته (لاحقًا زوجته) سوزان ديشيه، حيث واصل نشاطه في الخفاء حتى نهاية الحرب.
الكتابة من رماد الحرب
تجربة بيكيت في الحرب لم ترو كثيرًا، لكنه أشار إليها في لقاءات قليلة على أنها كانت “شيئًا طبيعيًا وضروريًا”.
لكنه، كما يرى النقاد، لم يحتج إلى الكلام عنها كثيرًا، لأن آثارها تسربت إلى أعماله الأدبية، وبشكل خاص إلى مسرحيته الأشهر في انتظار غودو، التي يرى كثيرون أنها تصوّر العبث والانتظار واليأس الإنساني الذي زرعته الحرب.
في عمله، لا نجد خطابات سياسية أو شعارات، بل نجد الصمت، والتكرار، والشخصيات التي تبدو عالقة في مكانها إلى الأبد.
وربما كان هذا هو التعبير الأدق عن ما مر به جيل بيكيت: فقدان المعنى، والعجز عن التغيير، والانفصال عن الزمن.
تكريم نوبل
في عام 1969، منح صمويل بيكيت جائزة نوبل في الأدب، لكنه لم يحضر لتسلمها ، ولم يدل بأي خطاب.
وكما كانت حياته في المقاومة صامتة، جاء تكريمه أيضًا في صمت