غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!




رنا عادل وسلمى محمد مراد


نشر في:
الإثنين 22 ديسمبر 2025 – 1:09 م
| آخر تحديث:
الإثنين 22 ديسمبر 2025 – 1:09 م

لم تعد الألعاب الإلكترونية مجرد وسيلة للترفيه، بل تحوّلت إلى مجتمعات رقمية متكاملة يعيش فيها الأطفال جزءًا من يومهم، ويتفاعلون من خلالها مع آخرين عبر الدردشة النصية والصوتية؛ هذا التحوّل فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول مدى أمان تلك المساحات الرقمية، وحدود مسئولية شركات الألعاب، ودور الأسرة في حماية الأطفال من الانتهاكات المحتملة.

وفي هذا السياق، توضح الدكتورة إيمان حسني الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، خلال تصريحاتها لـ”الشروق”، كيف أن غرف الدردشة داخل الألعاب تحمل جوانب إيجابية لا يمكن إنكارها، لكنها في الوقت نفسه تفتح المجال لمخاطر حقيقية إذا غابت الرقابة والوعي.

• لماذا تجذب الأطفال؟

تقول الدكتورة إيمان، إن غرف الدردشة تعد عنصرا أساسيا في جاذبية الألعاب الحديثة، لأنها تمنح اللعبة حياة وتجعلها أقرب إلى منصات التواصل الاجتماعي، موضحة أن الطفل داخل منصة الألعاب لا يكتفي باللعب فقط، بل يمتلك صفحة شخصية يعرض عليها إنجازاته، والجوائز التي حصل عليها، والألعاب المفضلة لديه، بل وأحيانا يعبر عن نفسه من خلال أيقونات أو كلمات يختارها.

وأضافت أن الألعاب الجماعية تفرض بطبيعتها الحاجة إلى التواصل، سواء لتنسيق الخطط خلال اللعب أو لتبادل الحديث، وهو ما يجعل الدردشة النصية أو الصوتية جزءً لا يتجزأ من تجربة اللعب.

• جوانب إيجابية مهملة

وقالت حسني، إن التركيز الإعلامي غالبا ما ينصب على الجوانب السلبية فقط، رغم أن للدردشة داخل الألعاب آثارا إيجابية في بعض الحالات، موضحة أن بعض الأطفال الذين يعانون من الخجل أو الانطواء يتمكنون من تكوين صداقات والتواصل مع الآخرين بسهولة أكبر من خلال الألعاب، كما تتيح لهم الحفاظ على التواصل مع أصدقاء انتقلوا إلى مدارس أو محافظات أخرى.

وأكدت أن مشاركة الأهل لأطفالهم اللعب أحيانا تعزز الشعور بالأمان والحميمية، وتجعل الطفل أكثر انفتاحا في الحديث عما يمر به داخل العالم الرقمي.

• عندما يتحول اللعب إلى ساحة انتهاكات

توضح الدكتورة إيمان حسني، أن الخطر الحقيقي يبدأ عند اللعب مع الغرباء، خاصةً في الألعاب التنافسية التي تتسم بالصراع والتحدي، حيث تظهر تجاوزات لفظية وشتائم وسلوكيات تنمر بين بعض اللاعبين.

وأضافت أن المشكلة لا تقتصر على الأطفال فقط، إذ تضم المنصات لاعبين من أعمار مختلفة، من بينهم مراهقون أو بالغون قد يستغلون وجود الأطفال، سواء بالتنمر أو بمحاولات الاستدراج.

• قيم رقمية مغرية للسرقة

وأكدت أن حسابات الألعاب لم تعد مجرد وسيلة للعب، بل أصبحت أصولا رقمية ذات قيمة مادية، ذاكرة أن بعض الحسابات تحتوي على عناصر مدفوعة بالدولار، مثل الملابس والإكسسوارات والـ “Avatars” والعملات الرقمية، ما يجعلها هدفا لعمليات الاحتيال والاختراق.

وأشارت إلى دخول بعض الأطفال بالفعل في تجارة بيع الحسابات أو تقويتها وإعادة بيعها، وهو ما يزيد من مخاطر سرقة البيانات أو استغلالهم ماليا.

• إجراءات حماية غير كافية

ولفتت إلى اتخاذ شركات الألعاب إجراءات للحد من المخاطر، مثل تشفير الكلمات المسيئة، وإخفاء البيانات الشخصية، وإتاحة خاصية الإبلاغ عن السلوكيات غير اللائقة أو المشكلات التقنية، موضحة أن هذه الأدوات تساعد في الحد من الانتهاكات، لكنها ليست مانعة لها بالكامل، إذ يلجأ بعض المستخدمين إلى التحايل على أنظمة التشفير بطرق مبتكرة.

• الخطر الأكبر خارج اللعبة

أكدت الدكتورة إيمان، أن التهديد الأخطر لا يكون دائما داخل اللعبة نفسها، بل في المجتمعات الرقمية الموازية خارجها، موضحة أن بعض الأطفال يتم استدراجهم عبر وعود بالحصول على مزايا داخل اللعبة، ليتم توجيههم إلى روابط خارجية أو تطبيقات مثل “ديسكورد” أو قنوات يوتيوب، حيث تقل الرقابة وتزداد احتمالات سرقة الحسابات أو استغلال الأطفال.

وأكدت أن الضغط على أي رابط خارجي قد يؤدي إلى سرقة الحساب أو تسريب بياناته خلال لحظات.

• محتوى غير مناسب

وأوضحت الدكتورة إيمان حسني، أن كثيرا مما يثار حول المحتوى غير اللائق داخل الألعاب يفهم أحيانا بشكل خاطئ، خاصة فيما يتعلق بشكل الشخصيات أو الملابس، نتيجة اختلاف تصميم الألعاب أو عدم توافق بعض العناصر البصرية.

وأضافت أن بعض التصرفات قد تفسر بشكل سلبي أو به بعض التهويل رغم أنها ناتجة عن طبيعة التصميم الافتراضي، إلا أن ذلك لا ينفي وجود حالات حقيقية من السلوكيات غير المقبولة التي تتطلب توعية الأطفال بكيفية التعامل معها ورفضها.

• الأسرة خط الدفاع الأول

اختتمت الدكتورة إيمان حسني حديثها بتأكيد أن الحل لا يكمن في منع الأطفال من الألعاب أو من التواصل، بل في الإرشاد والرقابة والمشاركة، وأن على الأهل إنشاء حسابات أبنائهم بأنفسهم، وتفعيل الرقابة الأبوية، وتحديد من يمكنه التواصل مع الطفل، ونوع الدردشة المسموح بها، مع توعية الطفل بعدم مشاركة أي معلومات شخصية.

وأكدت أن الألعاب الرقمية جزء من عالم الأطفال ومستقبلهم، ويمكن أن تكون أداة تعليم وتطوير إذا أُحسن استخدامها، في ظل وعي أسري حقيقي ومسئولية مشتركة بين الأهل وشركات الألعاب.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً