رنا عادل وسلمى محمد مراد
نشر في:
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 – 11:27 ص
| آخر تحديث:
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 – 11:27 ص
في زمن تتنافس فيه التطبيقات ليس على تقديم الخدمات فقط بل على خطف انتباه المستخدم، تحول الهاتف إلى أداة تسيطر علينا بدلا من أن نسيطر عليها. فبمجرد فتح أي منصة يبدأ سباق خفي بين خوارزميات تتنبأ بسلوكك، وتصميمات مدروسة تبقيك أطول وقت ممكن أمام الشاشة.
وهنا يظهر السؤال الأهم: كيف تصمم هذه التطبيقات لتجعل الخروج منها صعبا؟.. هذا ما يوضحه د. محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، عبر تحليل سيكولوجيا تصميم التطبيقات التي تتحكم في وقتك دون أن تشعر.
تطبيقات وجدت لتسهيل التواصل وأخرى تعتمد على “اقتصاد الانتباه”
أوضح د. محمد محسن، لـ”الشروق”، أن هناك فارقا جوهريا بين التطبيقات الاتصالية التقليدية، التي صممت لتقديم خدمة مباشرة مثل تبادل الرسائل أو الملفات، وبين التطبيقات المبنية بالكامل على ما يعرف بـ “اقتصاد الانتباه”. فالتطبيقات العادية تقدم وظيفة واضحة دون الاعتماد على خوارزميات توصية معقدة ولا تسعى إلى خلق ارتباط نفسي طويل المدى مع المستخدم. أما التطبيقات المصممة للإدمان فتعمل وفق نموذج ربحي يعتمد على الإعلانات، ما يجعل كل ثانية يقضيها المستخدم ذات قيمة مالية. لذلك تلجأ إلى أساليب نفسية مثل “التحفيز المتقطع” المستخدم في ماكينات القمار، وتعتمد على التمرير اللامتناهي والتشغيل التلقائي وواجهات بصرية جذابة، بالإضافة إلى جمع كم كبير من البيانات لتخصيص المحتوى بطريقة تزيد من احتمالات بقائك داخل التطبيق لأطول وقت ممكن.
كيف تعمل الخوارزميات؟
وأشار إلى أن وراء كل فيديو أو منشور يظهر أمامك، تقف خوارزميات متطورة تراقب سلوكك بدقة. تقوم التطبيقات بتحليل مدة المشاهدة لكل محتوى لمعرفة ما الذي يلفت انتباهك. إضافة لذلك تهتم هذه الخوارزميات بأنواع المحتوى التي تفضلها وأوقات نشاطك اليومية، فضلاً عن متابعة ما تتجاوزه وما تتوقف عنده.
كل هذه البيانات تستخدم لبناء ما يعرف بنموذج التنبؤ السلوكي الذي يسعى إلى معرفة ما يجذب انتباهك، وما الذي يجعلك تستمر في استخدام التطبيق، ومتى ستعود إليه بعد الخروج. بعد ذلك يقوم النظام بضخ محتوى مخصص لك كجرعات صغيرة ومتجددة، ما يخلق حلقة إدمان يصعب على المستخدم أن يلاحظها.
لماذا يصعب الخروج من بعض التطبيقات؟
وأضاف أن هناك بعض التطبيقات مصممة بشكل يجعل من الصعب إغلاقها وهذا ليس صدفة بل نتيجة استخدام ما يعرف بأنماط التصميم الخبيثة.
أمثلة على هذه الحيل:
زر الخروج باهت أو موضوع في زاوية غير منطقية.
تشغيل فيديو جديد تلقائيا عند محاولة الإغلاق.
ظهور إشعار في اللحظة التي تهم فيها بالمغادرة.
قوائم معقدة تصعب الوصول للإعدادات.
خطوات تجميلية لا تعالج جوهر المشكلة
وأوضح د. محمد محسن أن بعض المنصات أعلنت عن ميزات تهدف إلى تعزيز الرفاهية الرقمية، مثل يوتيوب الذي يقدم تنبيهات لأخذ استراحة، وإنستجرام الذي ينبه المستخدم عند الوصول إلى نهاية المحتوى الجديد، وتيك توك الذي يرسل رسائل تحذيرية عند الاستخدام المفرط، بالإضافة إلى تقارير أسبوعية عن وقت الشاشة تصدرها آبل وجوجل. لكن الدراسات تشير إلى أن هذه الخطوات غالبا ما تكون تجميلية، إذ إنها لا تعالج جوهر المشكلة الأساسية، وهي أن نموذج الربح لتلك التطبيقات يعتمد بشكل مباشر على إبقاء المستخدم داخل المنصة لأطول فترة ممكنة.
كيف تقلل وقتك على التطبيقات؟
وينصح بممارسة بعض الخطوات التي يستطيع المستخدم حماية نفسه من استهلاك يومه بالكامل أمام الشاشات من خلالها :
-إغلاق الإشعارات غير الضرورية.
-تحديد مؤقت يومي للتطبيقات.
-إخفاء التطبيقات الإدمانية من الشاشة الرئيسية.
-استخدام الوضع الرمادي لتقليل الجاذبية البصرية.
-تعطيل التوصيات التلقائية عند الإمكان.
-تعطيل التمرير اللامتناهي عبر إضافات المتصفح.
-تفعيل وضع عدم الإزعاج في أوقات العمل أو النوم.
-تسجيل الخروج لإضافة خطوة تمنع الدخول العشوائي.
ميزات رقمية قد تقدم لك حماية إضافية
بالإضافة إلى الخطوات السابقة توفر الهواتف الحديثة مزايا تساعد على التحكم في وقت الشاشة، حيث تتيح للمستخدم مراقبة استخدامه للتطبيقات وتقليل الإدمان الرقمي.
فعلى هواتف أندرويد توجد ميزة Digital Wellbeing Dashboard التي تعرض الوقت المستهلك في كل تطبيق بشكل تفصيلي، وFocus Mode التي تتيح حظر التطبيقات المشتتة لفترة معينة، وApp Timers التي تسمح بتحديد حد يومي لكل تطبيق، وBedtime Mode التي تقلل الإضاءة والنغمات قبل النوم لمساعدتك على الاسترخاء.
أما على هواتف آيفون، فميزة Screen Time تقدم لوحة تفصيلية لاستهلاك الشاشة، وDowntime توقف التطبيقات في أوقات محددة، وApp Limits تضع حدا للتطبيقات الإدمانية يوميا، بينما تتيح Focus Filters تخصيص الإشعارات حسب وضع العمل أو النوم أو القيادة. لكن تبقى فعالية هذه الأدوات مرتبطة دائما بمدى التزام المستخدم نفسه بها.