خسوف القمر.. مسرح للقصص والخرافات عبر حضارات العالم

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!





سلمى محمد مراد



نشر في:
الأحد 7 سبتمبر 2025 – 4:57 م
| آخر تحديث:
الأحد 7 سبتمبر 2025 – 4:57 م

يترقب الملايين حول العالم، مشهدًا فلكيًا بديعًا إذ تشهد الكرة الأرضية، اليوم الأحد، واحدة من أهم الظواهر الفلكية وهي ظاهرة خسوف القمر الكلي، وتتسبب في تغييب ضوء القمر كاملًا خلف ظل الأرض لوقت طويل يكفي ليتسنى لعشاق الفلك والفضاء متابعته والتقاط صور نادرة له، لكن خلف هذا الجمال السماوي، تقف قصص وأساطير وتفسيرات دينية متباينة، نسجتها ثقافات الشعوب عبر العصور.

– حدث سماوي استثنائي وراء الظاهرة العلمية

يحدث خسوف القمر عندما تتحرك الأرض بين الشمس والقمر، فيسقط ظلها على سطحه، وعلى الرغم من غياب ضوء الشمس المباشر، إلا أن الغلاف الجوي للأرض يعكس بعض الأشعة نحو القمر، فتظهر بلون يتراوح بين الرمادي الداكن والأحمر النحاسي، وهذا المشهد هو ما منح الظاهرة اسمها الشائع “القمر الدموي”، رغم اعتراض علماء الفلك على التسمية؛ لما تحمله من إيحاءات سلبية غير دقيقة، إذ توحي بحدث غامض ومرعب، بينما هو ببساطة ظاهرة طبيعية متوقعة بدقة.

– نمر يلتهم القمر

بحسب موقع The conversation، بالعودة إلى التاريخ كان خسوف القمر يثير رهبة وخوف عميقين، فقد اعتقد شعب الإنكا أن نمرًا هائلًا يهاجم القمر ويبتلعه، وكانوا يصرخون ويحدثون ضوضاء عالية ويطلقون نباح الكلاب؛ لإخافة الوحش السماوي وحماية الأرض من غضبه.

أما في بلاد ما بين النهرين، فقد ربطوا الخسوف بمصير الملك، وكانوا يتوقعونه بدقة، ويعينون ملكًا بديلًا يتولى الحكم مؤقتًا حتى ينجلي الظلام، ويختبئ الملك الحقيقي، وبانتهاء الخسوف كان الملك البديل يختفي، في إشارة إلى تضحيته كدرع بشري للملك الأصلي.

– الأسطورة الآسيوية راهو والانتقام الأبدي

ارتبط الخسوف في الثقافة الهندوسية بقصة الشيطان راهو الذي شرب إكسير الخلود، فقطع “الإلهان الشمس والقمر رأسه”، وبما أن رأسه ظل خالدًا فقد عاش في مطاردة أبدية للشمس والقمر، يبتلعهما كلما أدركهما، وهكذا فسروا الكسوف والخسوف، وجعلوا منه نذير شؤم يستوجب الطقوس والاحتياطات، خصوصًا للنساء الحوامل اللواتي نُصحن بالابتعاد عن الطعام والعمل خلال الظاهرة.

– وجه آخر للخسوف يتضمن الشفاء والمصالحة

لكن قدمت بعض الثقافات، صورًا أكثر إنسانية على عكس هذه الرؤى المظلمة، مثل قبائل الهوبا واللويسينو في كاليفورنيا، التي اعتبرت أن القمر يصبح مريضًا أثناء الخسوف، وكانوا يرددون الأغاني ويرفعون الدعوات لشفائه.

أما شعب باتاماليبا في توجو وبنين بإفريقيا، يرى في الخسوف رمزًا لصراع بين الشمس والقمر، وحولوا المناسبة إلى فرصة للمصالحة، إذ يجتمع الناس لحل خلافاتهم وطي صفحات الخصام، ولا تزال هذه العادة قائمة حتى اليوم.

– من الخوف إلى العبادة

في الإسلام، ارتبط خسوف القمر بعبادة خاصة لا بخرافة من الخرافات المذكورة سلفا، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- إذا رأى خسوفًا أو كسوفًا بادر إلى الصلاة والدعاء، تذكيرًا بعظمة الله -تعالى- وقدرته، وسن صلاة الخسوف، التي ما زال المسلمون يؤدونها حتى اليوم.

أما في المسيحية، فقد ارتبط الخسوف عبر التاريخ بمشاعر الغضب الإلهي، وأحيانًا بذكرى صلب المسيح، وفي العصر الحديث، أعاد الواعظ الأمريكي جون هاجي في كتابه “أربعة أقمار دموية” عام 2013 ربط الخسوف بنبوءات نهاية العالم، بعد أن صادفت 4 خسوفات متتالية أعوام 2014 و2015 أعيادًا يهودية، ورغم أن هذه النبوءة لاقت انتقادات واسعة، فإنها أسهمت في انتشار مصطلح القمر الدموي عالميًا.

واليوم، مع التقدم العلمي، لم يعد خسوف القمر يُثير الرعب كما في السابق، بل صار فرصة للاحتفال بواحدة من أجمل الظواهر الفلكية التي تكشف عن جمال الكون وانسجامه، وبات يُغطي مباشرة على شاشات التلفاز ومنصات التواصل الاجتماعي، مع صور وفيديوهات تبث من عواصم ومدن مختلفة حول العالم.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً