جيل محظوظ أم مهدد؟ الذكاء الاصطناعي يضع طلاب الجامعات أمام تحد جديد

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!





سلمي محمد مراد



نشر في:
الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 – 4:25 م
| آخر تحديث:
الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 – 4:25 م

الحديث عن الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، أصبح حاضرًا في كل نقاش يخص التعليم والعمل، إذ يرى البعض أنه يهدد مستقبل المهن التقليدية، ويعتبره أخرون فرصة نادرة لفتح آفاق جديدة أمام الأجيال القادمة، وهذا الجدل لم يعد مقتصرًا على المختصين أو أصحاب القرار فحسب، بل تسلل إلى جلسات العائلات عند التفكير في اختيار الجامعة والتخصص لأبنائهم.

– الذكاء الاصطناعي يغير قواعد العمل

وفقًا لتقرير صدر عن منتدى الاقتصاد العالمي بعنوان: “مستقبل الوظائف 2025″، يستعد العالم لفقدان نحو 92 مليون وظيفة بحلول عام 2030، مع إعلان 40% من الشركات نيتها تقليص العمالة في القطاعات التي أثبت الذكاء الاصطناعي كفاءته فيها.

وفي المقابل، توقع التقرير، نمو قطاعات جديدة في علوم البيانات، والأمن السيبراني، وتطوير البرمجيات، بما يعزز فرص العمل للطلاب الذين اختاروا تخصصات متكاملة مع هذه التكنولوجيا.

– الجامعات المصرية تستجيب للتحدي

وارتفع عدد كليات الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي، في مصر إلى 92 كلية ومعهدًا موزعة على مختلف أنواع التعليم الجامعي، بحسب بيانات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وشهدت هذه التخصصات إقبالًا كبيرًا، إذ ارتفعت نسبة الملتحقين إلى 39% مقارنة بالعام الماضي، بإجمالي 112 ألف طالب وطالبة؛ مما يجعلها من أكثر التخصصات نموًا وجذبًا في الوقت الراهن.

• رؤية أكاديمية

أكدت الدكتورة سارة عبدالباسط شهاب الدين وكيل كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة مدينة السادات، خلال تصريحات خاصة لـ”الشروق”، أن هذه التكنولوجيا تمثل فرصة ذهبية للتعليم الجامعي.

وأضافت أنها تتيح تخصيص تجربة التعلم، وتساعد الأساتذة في إكمال الأعمال الروتينية، وتحسن تفاعل الطلاب ونتائجهم، وتفتح أبوابًا أكثر شمولًا لذوي الاحتياجات الخاصة.

– تحديات تواجه العاملين والمتعلمين

وقالت إنها لا تنكر وجود تحديات حقيقية، مثل قضايا الخصوصية عند جمع البيانات، والتكلفة العالية للبنية التحتية، والحاجة المستمرة إلى تدريب المعلمين والإداريين.

وأشارت إلى أن الخطر الأكبر قد يكمن في الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، بما قد يُضعف مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب.

– شات جي بي تي يضعف الذاكرة

ولفتت “شهاب الدين”، إلى دراسة حديثة نُشرت في “المجلة الدولية لتكنولوجيا التعليم”، كشفت أن الاستخدام المفرط لأدوات مثل ChatGPT قد يؤدي إلى ضعف الذاكرة وتراجع التحصيل الأكاديمي.

وبينت أن الباحثون في الدراسة أعربوا عن قلقهم من تأثير الإفراط في الاعتماد على هذه النماذج على النزاهة الأكاديمية وجودة التعلم، رغم فوائدها الكبيرة.

– الذكاء الاصطناعي على مائدة الأسر

من جانبها، ترى الدكتورة هبة عسكر وكيل كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة مدينة السادات لشئون الدراسات العليا والبحوث، أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل جواز سفر إلى عالم جديد مليء بالفرص، وأصبح اليوم شريكًا خفيًا في كل نقاش عائلي حول الجامعة: هل سيدرس الابن الهندسة؟.. هل ما زالت الصيدلة خيارًا آمنًا؟.. أم أن علوم البيانات والبرمجة هي المستقبل؟.

– كيفية اختيار التخصص الجامعي؟

وأوضحت أن اختيار التخصص الجامعي لم يعد مجرد مسألة رغبة شخصية، بل وضع الأسر أمام معادلة جديدة، وأصبح مرتبطًا بسؤال مصيري: هل سيظل هذا المجال مطلوبًا بعد عشر سنوات؟.

ودعت “عسكر”، إلى النظر للتخصص باعتباره استثمارًا طويل الأمد، يعتمد على 3 عناصر متوازنة: إبداع الطالب الحقيقي، واحتياجات سوق العمل، ومدى مرونة التخصص في الاندماج مع تطورات الذكاء الاصطناعي.

– الطالب وصناعة القرار

واتفقت الدكتورة سارة عبدالباسط، مع هذه الرؤية، مؤكدة أن اختيار التخصص لا يجب أن يخضع فقط لرغبات الوالدين أو ضغط المجتمع، وعلى الطالب أن يبدأ بتقييم ذاته واهتماماته، ثم يستعرض التخصصات المتاحة ويفهم محتواها العملي والمستقبلي.

وأضافت أن استشارة المرشدين الأكاديميين والخريجين القدامى خطوة مهمة لفهم الواقع المهني، وبعد ذلك، تصبح المقارنة بين الجامعات من حيث المناهج، والسمعة، وفرص التوظيف، والتكلفة أمرًا أساسيًا قبل اتخاذ القرار النهائي.

– جيل محظوظ أم مهدد؟

لا يقتصر الجدل على العالم العربي، فبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، صرح سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، في أحد البرامج الأميركية مؤخرًا، بأنه لو تخرّج اليوم فسيشعر بأنه الطفل الأكثر حظًا في التاريخ، فبالنسبة له، يشكل عصر الذكاء الاصطناعي بوابة لفرص غير مسبوقة.

– الشهادة ليست كل شيء

لكن في المقابل، لا تزال الشهادات التقليدية في مجالات مثل الأدب أو الفلسفة، ذات قيمة شرط أن تُقدّم بطرق تجعلها عملية ومتصلة بالعالم الحقيقي، فالتعليم الذي يدمج التفكير النقدي مع أدوات الذكاء الاصطناعي هو ما يمنح الخريج ميزة تنافسية.

– فرصة أم قلق؟

من الواضح أن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل قواعد اللعبة، لكنه لا يغلق الأبواب أمام الشباب، وفي هذا الشأن ترى “عسكر”، أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا بل فرصة تاريخية، حيث يمنح الطلاب أدوات قوية للابتكار ويخلق ميادين عمل لم تكن موجودة من قبل.

وأكملت: “لكنه في الوقت نفسه يشكل تحديًا للذين يتوقفون عن التعلم أو يكتفون بالطرق التقليدية؛ لذلك يعتبر الذكاء الاصطناعي ميزة تنافسية لمن يستغله، ومصدر قلق لمن يتجاهله”.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً