تشتت الانتباه بين الشاشات: هل التكنولوجيا السبب أم نحن؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!





سلمي محمد مراد



نشر في:
الإثنين 27 أكتوبر 2025 – 2:18 م
| آخر تحديث:
الإثنين 27 أكتوبر 2025 – 2:18 م

كثيرًا ما نلوم الهواتف الذكية على تراجع قدرتنا على التركيز، لكن دراسة حديثة منشورة في مجلة Frontiers in Computer Science تؤكد أن المشكلة ليست في الأجهزة، بل في عادات المستخدمين أنفسهم.

* تجربة تكشف الحقيقة

أجرت عالمة النفس الاجتماعي ماكسي هيتماير من كلية لندن للاقتصاد، تجربة شملت 22 شابًا من عمال المعرفة، أي أولئك الذين يتعاملون مع المعلومات بشكل مستمر. وفي بعض الأوقات، كان الهاتف قريبًا منهم، وفي أوقات أخرى كان بعيدًا بحيث يتطلب النهوض للوصول إليه.

وكانت النتيجة أنه عندما وُضع الهاتف بعيدًا، استخدم المشاركون الهواتف أقل فعلًا، لكنهم عوّضوا الوقت الضائع بتصفح الإنترنت عبر أجهزة الكمبيوتر المحمولة، حيث اتجهوا فورًا إلى استخدام الكمبيوتر لتصفح الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي.

أي أن تشتيت الانتباه لم يختفِ، بل انتقل من جهاز إلى آخر. وإذا كنت تريد قضاء وقت أقل على الهاتف، فإبعاده عنك لن يفيد كثيرًا طالما هناك جهاز آخر أمامك.

* ليست المشكلة في الهاتف

وعلى مدى 10 سنوات من أبحاثها، وجدت هيتماير أن الأشخاص يتحققون من هواتفهم 89% من الوقت دون أن تصدر أي إشعارات، بمعنى أن التصفح أصبح عادة تلقائية لا تحتاج إلى سبب.

وتوضح الباحثة أن تطبيقات الهواتف درّبت أدمغتنا على البحث المستمر عن التحفيز، مما جعلنا نلجأ للشاشات كلما شعرنا بالملل أو الفراغ.

* تأثير التشتيت المستمر

وبحسب موقع ABC NEWS، يقول عالم الأعصاب مارك ويليامز من جامعة ماكواري إن التشتيت المتكرر يؤثر مباشرة على قدرتنا على التركيز والذاكرة، ويضيف: “في كل مرة يتشتت فيها انتباهك، تحتاج إلى نحو 90 ثانية لتستعيد تركيزك”.

ويشرح أن دماغ الإنسان لديه قدرة محدودة على حفظ المعلومات قصيرة المدى، وعندما ننتقل بين المهام بسرعة، تُمحى الذاكرة قبل أن تنتقل إلى الحفظ الطويل الأمد.

* كيف نقلل من التشتيت؟

تؤكد هيتماير أنها لا تعارض استخدام التكنولوجيا، بل ترى أن الهواتف الذكية أدوات مفيدة إذا استُخدمت بوعي، لكنها تحذر من العادات الصغيرة مثل التصفح العشوائي عند الملل، مشيرة إلى ضرورة تعليم الأطفال منذ الصغر كيفية استخدام الأجهزة بطريقة أكثر وعيًا وتوازنًا.

وبالتالي تشير الدراسة إلى أن المشكلة ليست في التكنولوجيا نفسها، بل في الطريقة التي نستخدمها بها. فحتى إذا أخفينا هواتفنا، سنجد وسيلة أخرى لتشتيت أنفسنا.

الحل لا يكمن في إغلاق الأجهزة، بل في تعلم كيفية التركيز والابتعاد عن العادات الرقمية التي تسرق انتباهنا دون أن نشعر.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً