وليد ناجي ومحمد فتحي ومحمود عبد السلام:
نشر في:
الأربعاء 9 أبريل 2025 – 10:04 ص
| آخر تحديث:
الأربعاء 9 أبريل 2025 – 10:04 ص
• المحاكم تقر الرسوم لمجابهة زيادة النفقات.. ونقابة المحامين ترفض القرار وتجتمع لبحث الأزمة
• الطويل: زيادة الرسوم ستجعل التقاضي سلعة غير متاحة للجميع.. ومحفوظ: القرار سيدفع المتقاضين للتحايل
أثارت الرسوم القضائية الجديدة التي أقرتها المحاكم مقابل الخدمات المقدمة للمتقاضين، اعتراضات واسعة في أوساط المحامين معتبرين أنها ليست قانونية وقد تتسبب في عزوف المواطنين عن اللجوء للعدالة.
وينظر مجلس رؤساء محاكم الاستئناف في القائمة الجديدة لرسوم الخدمات المميكنة المقدمة للمتقاضين والمحامين بعدما أقرتها عدد من المحاكم في إطار توحيدها وتحديد الحد الأقصى لها ومجابهة زيادة النفقات، فيما أعلنت تقابة المحامين رفضها التام لتلك الرسوم وتواصلها مع وزارة العدل.
وشمل القرار إضافة تحديد مقابل خدمة الصيغة التنفيذية لأحكام قضايا الأسرة والعمال بنسبة 50% من الحد المقرر، بجعله 55 جنيه بدلاً من 100 جنيه، وكذا بالنسبة لقضايا الأسرة الخاصة بالأجور والنفقات وقضايا العمال المرفوعة من العامل فيما يخص الشهادات والمستندات والأوراق.
فيما حدد القرار مقابل خدمة مراجعة حوافظ المستندات والصورة طبق الأصل لتقارير الخبراء بـ 33 جنيهاً لكل ورقة وبحد أقصى 500 جنيه، عدا قضايا التحكيم، كما حدد القرار مقابل الخدمة عن الصورة الرسمية من الأحكام الجنائية بـ 33 جنيها عن كل ورقة، وبحد أقصى ألف جنيه.
وقال عضو مجلس نقابة المحامين محمد راضي مسعود لـ”الشروق” إن مجلس النقابة يعقد اجتماعا مع نقباء الفرعيات بمقر نادي المحامين بمدينة 6 أكتوبر، يتضمن مناقشة أزمة زيادة الرسوم القضائية التي أقرتها محاكم الاستئناف مؤخرًا، وسيجري الإعلان عن قراراته.
من جانبها، قالت عزيزة الطويل، المحامية بالمبادرة المصرية، إن زيادة الرسوم بشكل عام سيؤثر على التقاضي والوصول للعدالة بشكل كبير على الرغم من وجود بعض القضايا المعفية من الرسوم أو مخففة مثل التقاضي أمام محكمة الأسرة أو المحاكم العمالية.
وأوضحت الطويل لـ”الشروق” أن الهدف من تيسير الرسوم تمكين الفئات المهمشة للوصول للعدالة، إلا أن القرارات الأخيرة بزيادتها ستحول نحو تمكين هؤلاء الفئات من مرفق العدالة وستكون عائقا نحو تمكينهم من الوصول للحقوق.
وأضافت أن الرسوم القضائية ستأثر فيما بعد في عدد القضايا وعدد اللاجئين للمحاكم بسبب ارتفاع الرسوم والتي قد تصل لآلاف الجنيهات مقارنة بـ 3 سنين ماضية، ما يعتبر حائلا يمنع الفئات الفقيرة من الوصول للعدالة ويدفع المحامي لـ”الاقتصاد” فيما يقدمه أمام المحكمة خاصة أنه سيحاسب بالورقة.
وذكرت المحامية بالمبادرة المصرية أنه من الغريب فرض رسوم على الصورة الضوئية للحكم بنفس رسوم الصورة الرسمية، ما يجعل عدم منطقية لفرض هذا الرسم في الأساس، مشيرة إلى أن قرارات الزيادة مخالفة للدستور والقانون والتي تعوق حق المواطن في التقاضي، والذي بات سلعة أو خدمة وليس متاحا للجميع.
وأكدت أن مجلس نقابة المحامين يسعى بكل قوة لمحاولة رفض القرارات واتخاذ كل ما يلزم لإلغاءه من قبل المحاكم، مشيرة إلى أن هناك مفاوضات مستمرة حول تلك الزيادات وتواصل مع وزير العدل للوصول لاتفاق يضمن حقوق المتقاضين ويمنع التكاليف الباهظة التي ستورقهم.
بدوره قال المحامي أيمن محفوظ إن الزيادات الأخيرة في الرسوم القضائية، لا سيما رسوم الخدمات المميكنة، أثّرت بشكل سلبي وخطير على قدرة المحامين في تقديم الخدمات القانونية، وأثقلت كاهل المتقاضين، مما يُنذر بمخاطر جسيمة تهدد مهنة المحاماة التي تُعد أحد جناحي منظومة العدالة.
وأضاف محفوظ أن توجه الدولة نحو التكنولوجيا ورقمنة القضاء يُعتبر توجهًا محمودًا يتماشى مع رؤية الدولة في تسهيل التقاضي، وسرعة استخراج الأوراق، وأرشفة المعلومات القضائية إلكترونيًا، إلا أن هذا التوجه يجب ألا يتعارض مع الحق الدستوري للمواطن في التقاضي، ولا يجوز أن تكون تكلفته المادية حائلًا أمام هذا الحق.
وأوضح أن هناك حالات متعددة بدأ فيها بعض المحامين بالتحايل على ارتفاع رسوم الخدمة، كمثال: تقديم حافظة مستندات بورقة واحدة فقط ودفع الرسم عنها، ثم إضافة أوراق أخرى لاحقًا، أو إرفاق المستندات في أقراص مدمجة (CD) أو وحدات تخزين (فلاشات)، لتفادي الرسوم، وهو ما يعكس أن الرسوم المرتفعة تدفع المتقاضين لسلوك طرق غير مباشرة لتفادي التكلفة، بدلاً من الالتزام بالإجراءات القانونية بشكل مباشر.
وأشار محفوظ إلى أن العديد من المحامين وأعضاء الجمعية العمومية حاولوا التوصل لحلول ودية لإثناء الجهات المختصة عن تلك الزيادات، كما طُرحت مقترحات مثل الإضراب، إلا أن كل تلك المسارات لم تُحل المشكلة من جذورها، كما أن الطعن على هذه الزيادات أمام القضاء الإداري يظل خيارًا قانونيًا مطروحًا كونها قرارات إدارية لا قضائية.
واقترح محفوظ أن تتدخل الدولة عبر قرار سيادي تتحمل فيه جزءًا من رسوم خدمات الميكنة القضائية، بما يحقق التوازن بين التطور التكنولوجي وإمكانات المواطنين المادية، ويضمن استمرار مهنة المحاماة، ويصون حق التقاضي كركيزة من ركائز العدالة.
كانت نقابة المحامين أعلنت الرفض القاطع لجميع قرارات زيادة الرسوم ومقابل الخدمات المقدمة في المحاكم، وبخاصة محاكم الاستئناف لتعارض ذلك مع المشروعية الدستورية، مع استمرار مساعي النقيب العام في التواصل مع كافة الجهات المعنية.
وتضمنت القرارات وقف التعامل مع جميع خزائن المحاكم بكل درجاتها في عموم الجمهورية كخطوة أولى في هذا الشأن وسيتم الإعلان لاحقًا عن ميقات البدء في ذلك الإجراء.